اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 166
حال كونه مُهاجِراً إِلَى توحيد اللَّهِ وَمتابعة رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ الإرادي فمات عن لوازم بشريته وانسلخ منها مطلقا فَقَدْ وصل الى الله ووَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ كما قال سبحانه في الحديث القدسي من أحبني أحببته ومن أحببته قتلته ومن قتلته فعلى ديته ومن على ديته فانا ديته. ومن هذا تفطن العارف ان ليس وراء الله مرمى ومنتهى وإياك إياك ان تتقيد بهويتك ولوازمها ومتى تخلصت عنها وعن لوازمها فقد وصلت الى ما وصلت بل اتصلت وَكانَ اللَّهُ المرشد لعباده الى توحيده الذاتي غَفُوراً لذنوب انانياتهم العاطلة وهوياتهم الباطلة رَحِيماً لهم يوصلهم الى نهاية ما يتوجهون اليه
ثم قال سبحانه وَإِذا ضَرَبْتُمْ وسافرتم فِي الْأَرْضِ اى عالم الطبيعة لا لمعصية دنيوية بل لمصلحة دينية من غزو او تجارة او حج او صلة او طلب علم او غير ذلك فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى ضيق لكم ووزر أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ الرباعية ركعتين سيما إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالاحتيال والاغتيال عليكم إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ دائما عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة مترصدين للفرصة
وَإِذا كُنْتَ يا أكمل الرسل فِيهِمْ اى في المؤمنين فَأَقَمْتَ أنت لَهُمُ الصَّلاةَ اى قد كنت أنت اماما لهم مقتدا به فرقهم أولا طائفتين فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ متابعين لك مؤتمين بك وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ اى جميعها احتياطا فَإِذا سَجَدُوا اى هؤلاء المؤتمون فَلْيَكُونُوا اى الطائفة الاخرى مِنْ وَرائِكُمْ حارسين حافظين لكم وَلْتَأْتِ بعد ما صلوا هؤلاء طائِفَةٌ أُخْرى منهم وهم لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ كما صلوا وَلْيَأْخُذُوا معهم حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ كما أخذوا فليكن المصلون من ورائكم كما كانوا فيصلى الامام صلاة الخوف مرتين مع الطائفتين ويوزعها عليهما على الوجه الذي بينه الفقهاء فعليكم ايها المؤمنون ان لا تغفلوا من العدو سيما عند شدة الخوف إذ قد وَدَّ وتمنى القوم الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ أنتم عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ بصلاة ونحوها فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ بغتة مَيْلَةً واحِدَةً فيصادفونكم عزلا لا سلاح معكم فيستأصلونكم بالمرة وَليس هذا الأمر للوجوب بل لا جُناحَ ولا ضيق ولا حرج عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ وغيره أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى يشق عليكم أخذها أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ لدفع الحرج وَخُذُوا حين وضعها حِذْرَكُمْ اى من حذركم مقدار ما تحذرتم به ان ألمّوا عليكم بغتة إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على وجوه الانتقام قد أَعَدَّ وهيأ لِلْكافِرِينَ به وبرسوله عَذاباً مُهِيناً بأيدي المؤمنين حيث يغلبهم ويذلهم وانما وعد سبحانه للمؤمنين النصر والظفر بعد ما أمرهم بالاحتياط والتيقظ لئلا ييأسوا من عون الله ونصره
فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ عند الخوف على الوجه المأمور فَاذْكُرُوا اللَّهَ بعد الفراغ منها قِياماً قائمين وَقُعُوداً قاعدين وَعَلى جُنُوبِكُمْ مضطجعين جبرا لما فوتم من أركانها وأبعاضها وآدابها حالة اضطرابكم واضطراركم فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ وزال خوفكم وارتفع رعبكم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ واتموها وأدوها مراعين جميع شرائطها وآدابها محافظين عليها مهتمين بشأنها إِنَّ الصَّلاةَ المقربة لكم الى ربكم قد كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بوحدانية الله المتوجهين نحو فردانيته بجميع الأعضاء والجوارح كِتاباً مَوْقُوتاً اى فرضا موقتا محدودا لازم الأداء لكل مكلف جبل على نشأة التوحيد
وَلا تَهِنُوا ولا تضعفوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ اى في وقت طلب الكفار قتالكم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 166